فصل: حَذْفُ الْمَوْصُولِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البرهان في علوم القرآن (نسخة منقحة)



.حَذْفُ الْمُضَافِ إِلَيْهِ:

وَهُوَ أَقَلُّ اسْتِعْمَالًا كَقَوْلِهِ: {كل في فلك يسبحون}.
وَقَوْلِهِ: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}.
وَكَذَا كُلُّ مَا قُطِعَ عَنِ الْإِضَافَةِ مِمَّا وَجَبَتْ إِضَافَتُهُ مَعْنًى لَا لَفْظًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لله الأمر من قبل ومن بعد}، أَيْ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ وَمِنْ بَعْدِهِ.

.حَذْفُ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ:

قَدْ يُضَافُ الْمُضَافُ إِلَى مُضَافٍ فَيُحْذَفُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَيَبْقَى الثَّالِثُ كَقَوْلِهِ تعالى: {وتجعلون رزقكم} أَيْ بَدَلَ شُكْرِ رِزْقِكُمْ.
وَقَوْلِهِ: {تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كالذي يغشى عليه من الموت} أَيْ كَدَوَرَانِ عَيْنِ الَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ.
وَقِيلَ: الرِّزْقُ فِي الْآيَةِ الْأُولَى الْحَظُّ وَالنَّصِيبُ فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَقْدِيرٍ وَكَذَلِكَ قُدِّرَتِ الثَّانِيَةُ (كَالَّذِي) حَالًا مِنَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي (أَعْيُنِهِمْ) لِأَنَّ الْمُضَافَ بَعْضٌ فَلَا تَقْدِيرَ.
وقوله: {فما أصبرهم على النار} وَقَدَّرَهُ أَبُو الْفَتْحِ فِي الْمُحْتَسَبِ عَلَى أَفْعَالِ أهل النار.
وأما قوله: {من الموت} فَالتَّقْدِيرُ مِنْ مُدَانَاةِ الْمَوْتِ أَوْ مُقَارَبَتِهِ وَلَا ينكر عسره على الإنسان ولكن إذا دفع إلى أمر هابه.
وَمِثْلُهُ الْآيَةُ الْأُخْرَى: {يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عليه من الموت}.
وقوله: {فقبضت قبضة من أثر الرسول}، أَيْ مِنْ أَثَرِ حَافِرِ فَرَسِ الرَّسُولِ.
وَقَوْلُهُ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القرى}، أَيْ مِنْ أَمْوَالِ كُفَّارِ أَهْلِ الْقُرَى.
وَقَوْلُهُ: {فإنها من تقوى القلوب} أَيْ مِنْ أَفْعَالِ ذَوِي تَقْوَى الْقُلُوبِ وَقَوْلُهُ: {أو كصيب من السماء} الْآيَةَ، فَإِنَّ التَّقْدِيرَ كَمَثَلِ ذَوِي صَيِّبٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ أَمَّا حَذْفُ الْمُضَافِ فَلِقَرِينَةِ عطفه على {كمثل الذي استوقد نارا} وأما المضاف إليه فلدلالة: {جعلون أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} عَلَيْهِ فَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهِ مَجْمُوعًا وَإِنَّمَا صُيِّرَ إِلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بَيْنَ صِفَةِ الْمُنَافِقِينَ وَصِفَةِ ذَوِي الصَّيِّبِ لا بين صف الْمُنَافِقِينَ وَذَوِي الصَّيِّبِ.

.حَذْفُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ:

كَقَوْلِهِ: {خلطوا عملا صالحا} أي بسيء {وآخر سيئا} أي بصالح.
وَكَذَا بَعْدَ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَذِكْرُ الله أكبر} أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
{فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وأخفى} أَيْ مِنَ السِّرِّ وَكَلَامُ الزَّمَخْشَرِيِّ فِي الْمُفَصَّلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِمَّا قُطِعَ3 فِيهِ عَنْ مُتَعَلِّقَهِ قَصْدًا لِنَفْيِ الزِّيَادَةِ نَحْوَ فُلَانٌ يُعْطِي لِيَكُونَ كالفعل المتعدي إذا جعل قاصر لِلْمُبَالَغَةِ فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ مِنَ الْحَذْفِ فَإِنَّهُ قَالَ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ الَّتِي هُوَ وَهُمْ فِيهَا شُرَكَاءٌ وَالثَّانِي أَنْ يُوجَدَ مُطْلَقًا لَهُ الزِّيَادَةُ فِيهَا إِطْلَاقًا ثُمَّ يُضَافُ لِلتَّفْضِيلِ عَلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ لَكِنْ بِمُجَرَّدِ التَّخْصِيصِ كَمَا يُضَافُ مَا لَا تَفْضِيلَ فِيهِ نَحْوَ قَوْلِكَ النَّاقِصُ وَالْأَشَجُّ أَعْدَلَا بَنِي مَرْوَانَ كَأَنَّكَ قُلْتَ: عَادِلًا. انْتَهَى.

.حَذْفُ الْمَوْصُوفِ:

يُشْتَرَطُ فِيهِ أَمْرَانِ:
أَحَدُهُمَا: كَوْنُ الصِّفَةِ خَاصَّةً بِالْمَوْصُوفِ حَتَّى يَحْصُلَ الْعِلْمُ بِالْمَوْصُوفِ فَمَتَى كَانْتِ الصِّفَةُ عَامَّةً امْتَنَعَ حَذْفُ الْمَوْصُوفِ نَصَّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهِ فِي آخِرِ بَابِ تَرْجَمَةِ (هَذَا بَابُ مَجَارِي أَوَاخِرِ الْكَلِمِ الْعَرَبِيَّةِ) وَكَذَلِكَ نَصَّ عليه أرسطاطا ليس فِي كِتَابِهِ الْخَطَابَةُ.
الثَّانِي: أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى مُجَرَّدِ الصِّفَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ لِتَعَلُّقِ غَرَضِ السياق كقوله تعالى: {والله عليم بالمتقين}. {والله عليم بالظالمين} فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ فِي سِيَاقِ الْقَوْلِ عَلَى مُجَرَّدِ الصِّفَةِ لِتَعَلُّقِ غَرَضِ الْقَوْلِ مِنَ الْمَدْحِ أَوِ الذم بها.
كقوله تعالى: {وعندهم قاصرات الطرف عين} أَيْ حُورٌ قَاصِرَاتٌ.
وَقَوْلِهِ: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا} أَيْ وَجَنَّةٌ دَانِيَةٌ.
وَقَوْلِهِ: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشكور} أي العبد الشكور.
وقوله: {هدى للمتقين} أَيْ الْقَوْمِ الْمُتَّقِينَ.
وَقَوْلِهِ: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ ألواح ودسر} أَيْ سَفِينَةٌ ذَاتُ أَلْوَاحٍ.
وَقَوْلِهِ: {وَذَلِكَ دِينُ القيمة} أَيِ الْأُمَّةِ الْقَيِّمَةِ.
وَقَوْلِهِ: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} أي دروعا سابغات.
وقوله: {يا أيها الساحر} أَيْ يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ السَّاحِرُ.
وَقَوْلِهِ: {أَيُّهَا المؤمنون} أي القوم المؤمنون.
وقوله: {وعمل صالحا} أَيْ عَمَلًا صَالِحًا.

.حَذْفُ الصِّفَةِ:

وَأَكْثَرُ مَا يَرِدُ لِلتَّفْخِيمِ وَالتَّعْظِيمِ فِي النَّكِرَاتِ وَكَأَنَّ التَّنْكِيرَ حِينَئِذٍ عَلَمٌ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا نُقِيمُ لهم يوم القيامة وزنا} أَيْ وَزْنًا نَافِعًا.
وَقَوْلِهِ: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جوع وآمنهم من خوف} أَيْ مِنْ جُوعٍ شَدِيدٍ وَخَوْفٍ عَظِيمٍ.
وَقَوْلِهِ: {يا أهل الكتاب لستم على شيء} أَيْ شَيْءٍ نَافِعٍ.
وقوله: {ما تذر من شيء} أَيْ سُلِّطَتْ عَلَيْهِ.
وَقَوْلِهِ: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} أَيْ جَامِعًا لِأُكَمِّلَ كُلَّ صِفَاتِ الرُّسُلِ.
وَقَوْلِهِ: {يأخذ كل سفينة غصبا} أَيْ صَالِحَةٍ وَقِيلَ إِنَّهَا قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ الْإِضْمَارَ بَلْ هُوَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ.
وَقَوْلِهِ: {بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وشراب} أَيْ كَثِيرٍ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ وَيَجِيءُ فِي العرف.
كقوله تعالى: {الآن جئت بالحق} أَيِ الْمُبِينِ.
وَقَوْلِهِ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قد جمعوا لكم} أَيِ النَّاسُ الَّذِينَ يُعَادُونَكُمْ.
وَقَوْلِهِ: {لَيْسَ مِنْ أهلك} أي الناجين.
وقوله: {وكذب به قومك} أَيْ قَوْمُكَ الْمُعَانِدُونَ.
وَمِنْهُ: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ} أَيْ مِنْ أُولِي الضَّرَرِ، {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ} أَيْ مِنْ غَيْرِ أُولِي الضَّرَرِ.
قاله ابن مالك وغيره وبهذا التقدير يزل إشكال التكرار من الآية.
وقوله تعالى: {فقد لبثت فيكم عمرا من قبله} أَيْ لَمْ أَتْلُ عَلَيْكُمْ فِيهِ شَيْئًا فَحُذِفَتِ الصِّفَةُ أَوِ الْحَالُ قِيلَ وَالْعُمْرُ هُنَا أَرْبَعُونَ سَنَةً.

.حَذْفُ الْمَعْطُوفِ:

قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا}، {أفلم يسيروا}، {أثم إذا ما وقع} التَّقْدِيرُ أَعَمُوا! أَمَكَثُوا!! أَكَفَرْتُمْ!!.
وقوله: {ما شهدنا مهلك أهله}، أَيْ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَمَهْلِكِهِ بِدَلِيلِ قوله: {لنبيتنه وأهله}، أَيْ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَمَهْلِكِهِ بِدَلِيلِ قوله لنبيتنه وأهله وَمَا رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا عَزَمُوا عَلَى قَتْلِهِ وَقَتْلِ أَهْلِهِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ: {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} كذب في الإخبار وأوهموا قومهم أنهم قَتَلُوهُ وَأَهْلَهُ سِرًّا وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِمْ أَحَدٌ وَقَالُوا تِلْكَ الْمَقَالَةَ يُوهِمُونَ أَنَّهُمْ صَادِقُونَ وَهُمْ كَاذِبُونَ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَذْفِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَيْ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَهُ وَمَهْلِكَ أَهْلِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَصْلُهُ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِكَ بِالْخِطَابِ ثُمَّ عُدِلَ عَنْهُ إِلَى الْغَيْبَةِ فَلَا حَذْفَ.
وَقَدْ يُحْذَفُ الْمَعْطُوفُ مَعَ حَرْفِ الْعَطْفِ مِثْلُ: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ من قبل الفتح وقاتل}.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها} أَيْ أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَخَالَفُوا الْأَمْرَ فَفَسَقُوا وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ مِنَ الْآيَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ الْفِسْقُ مَأْمُورًا بِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ {أَمَرْنَا مترفيها} صِفَةٌ لِلْقَرْيَةِ لَا جَوَابًا لِقَوْلِهِ: {وَإِذَا أَرَدْنَا} التَّقْدِيرُ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنَّ نُهْلِكَ قَرْيَةً مِنْ صِفَتِهَا أَنَّا أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا وَيَكُونُ إذا على هذا لم يأت لها جوابا ظَاهِرٌ اسْتِغْنَاءً بِالسِّيَاقِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {حَتَّى إذا جاءوها فتحت أبوابها}.

.حَذْفُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ:

{فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به} أي لو ملكا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ.
ويجوز حذفه مع حرف العطف كقوله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فعدة من أيام أخر} أَيْ فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ.
وَقَوْلِهِ: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ البحر} فانفلق التَّقْدِيرُ: فَضَرَبَ فَانْفَلَقَ فَحُذِفَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ وَهُوَ ضرب وحرف العطف وهو الفاء المتصلة انْفَلَقَ فَصَارَ: (فَانْفَلَقَ) فَالْفَاءُ الدَّاخِلَةُ عَلَى انْفَلَقَ هِيَ الْفَاءُ الَّتِي كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِـ: (ضَرَبَ) وَأَمَّا الْمُتَّصِلَةُ بِـ: (انْفَلَقَ) فَمَحْذُوفَةٌ.
كَذَا زَعْمُ ابْنِ عُصْفُورٍ وَالْأَبَّذِيِّ قَالُوا وَالَّذِي دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ إِنَّمَا نُوِيَ بِهِ مُشَارَكَةُ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي فَإِذَا حُذِفَ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ أَعْنِي لَفْظَ الْمَعْطُوفِ أَوِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَلَّا يُؤْتَى بِهِ لِيَزُولَ مَا أَتَى بِهِ مِنْ أَجْلِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الضَّائِعِ: لَيْسَ هَذَا مِنَ الْحَذْفِ بَلْ مِنْ إِقَامَةِ الْمَعْطُوفِ مَقَامَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ وَيُقَامُ السَّبَبُ كَثِيرًا مَقَامَ مُسَبِّبِهِ وَلَيْسَ مَا بَعْدَهَا مَعْطُوفًا عَلَى الْجَوَابِ بَلْ صَارَ هُوَ الْجَوَابُ بِدَلِيلِ: {فَانْبَجَسَتْ} هُوَ جَوَابُ الْأَمْرِ.

.حَذْفُ الْمُبْدَلِ مِنْهُ:

اخْتَلَفُوا فِيهِ وَخُرِّجَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ}.

.حَذْفُ الْمَوْصُولِ:

قَوْلُهُ: {آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وأنزل إليكم} أَيْ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ لِأَنَّ (الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا) لَيْسَ هُوَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَى مَنْ قَبْلَنَا وَلِذَلِكَ أُعِيدَتْ (مَا) بَعْدَ (مَا).
فِي قَوْلِهِ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إلينا وما أنزل إلى إبراهيم} وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ من قبل}.
وَقَوْلِهِ: {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ}.
وَقَوْلِهِ: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} أَيْ مَنْ لَهُ.
وَشَرَطَ ابْنُ مَالِكٍ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ لِجَوَابِ الْحَذْفِ كَوْنَهُ مَعْطُوفًا عَلَى مَوْصُولٍ آخَرَ وَيُؤَيِّدُهُ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ: وَلَا يُحْذَفُ مَوْصُولٌ حَرْفِيٌّ إِلَّا (أَنْ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ومن آياته يريكم البرق}.

.حَذْفُ الْمَخْصُوصِ فِي بَابِ نِعْمَ إِذَا عُلِمَ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ:

كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} التَّقْدِيرُ نِعْمَ الْعَبْدُ أَيُّوبُ أَوْ نِعْمَ الْعَبْدُ هُوَ لِأَنَّ الْقِصَّةَ فِي ذِكْرِ أَيُّوبَ فَإِنْ قَدَّرْتَ نِعْمَ الْعَبْدُ هُوَ لَمْ يَكُنْ هُوَ عَائِدًا عَلَى الْعَبْدِ بَلْ عَلَى أَيُّوبَ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نعم العبد} فَسُلَيْمَانُ هُوَ الْمَخْصُوصُ الْمَمْدُوحُ وَإِنَّمَا لَمْ يُكَرَّرْ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ مَنْصُوبًا.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَقَدَرْنَا فنعم القادرون} أَيْ نَحْنُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} أَيِ الْجَنَّةُ أَوْ دَارُهُمْ.
{فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} أي عقباهم.
{ونعم أجر العاملين} أَيْ أَجْرُهُمْ.
وَقَالَ: {لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} أَيْ مَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مَنْ نَفْعِهِ وَقَالَ تعالى: {قل بئسما يأمركم به إيمانكم} أَيْ إِيمَانُكُمْ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ وَكُفْرُكُمْ بِمَا وَرَاءَهُ.
وَقَدْ يُحْذَفُ الْفَاعِلُ وَالْمَخْصُوصُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} أَيْ بِئْسَ الْبَدَلُ إِبْلِيسُ وَذُرِّيَّتَهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَبِهَا وَنِعْمَتْ) أَيْ نِعْمَتِ الرُّخْصَةُ.